نظرة موضوعية للوضع استناداً إلى حقائق تاريخية
يعد لبنان استثناءً باعتباره بلدًا محاصرًا في شبكة من الصراعات الإقليمية والأزمات الاقتصادية الداخلية. فإن مصير لبنان يمكن أن يتأثر بسياسات الولايات المتحدة الخارجية، خاصة عندما يكون هناك تغيير في القيادة. لطالما لعبت الولايات المتحدة دورًا حاسمًا في الشرق الأوسط، بدءًا من مفاوضات السلام وصولًا إلى المساعدات العسكرية والمالية، وأي تغيير في سياساتها قد يؤثر على الاستقرار السياسي والاقتصادي في لبنان.
تاريخيًا، كانت الولايات المتحدة لاعبًا رئيسيًا في الساحة السياسية اللبنانية، خاصة من خلال دعمها للجيش اللبناني ودورها في الوساطة بين لبنان وإسرائيل. قدمت الإدارات الأمريكية للبنان مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية التي تهدف إلى تعزيز الجيش اللبناني كقوة موازية لحزب الله، المنظمة السياسية والعسكرية المدعومة من إيران. سواء كانت الإدارة الأمريكية جمهورية أو ديمقراطية، فإن هذه الأموال ضرورية للحفاظ على بعض الاستقرار في لبنان، حيث أن نفوذ حزب الله هو قضية مختلف عليها داخليًا ودوليًا.
هل تزداد الجهود الانسانية؟
إذا تولت إدارة أمريكية أكثر محافظة السلطة، فقد تزداد المساعدات العسكرية والأمنية، ولكن قد يتحول التركيز على موقف أكثر عدائية تجاه حزب الله وإيران، مما قد يزيد من التوترات داخل لبنان. من جهة أخرى، تميل الإدارة الديمقراطية الاميركية إلى التأكيد على الدبلوماسية وحقوق الإنسان والتعاون الدولي. بالنسبة للبنان، قد يعني ذلك المزيد من المشاركة في الجهود الإنسانية، واعادة النظر بأزمة اللاجئين المستمرة. يستضيف لبنان حاليًا أكثر من 1.5 مليون لاجئ سوري، وهذا يشكل ضغطًا كبيرًا على اقتصاده المتعثر. لذلك ممكن أن يكون الدعم الأمريكي الموجه نحو الإغاثة الإنسانية والتنمية الاقتصادية أمرًا مهماً لمساعدة لبنان على التعامل مع هذا العبء، خصوصًا في ظل إدارة ديمقراطية من المرجح أنها سوف تعطي الأولوية لهذه المساعدات.
سياسة الولايات المتحدة في الدعم الاقتصادي للبنان
ان الوضع الاقتصادي في لبنان قد اصبح كارثياً. فمنذ عام ٢٠١٩، واجه البلد انهيارًا ماليًا هائلًا، حيث فقدت عملته قدرًا كبيرًا من قيمتها، وقيدت البنوك عمليات السحب، وارتفعت معدلات الفقر بشكل كبير. واللبنانيون يترقبون الدعم الدولي، لا بل ينتظرونه كأمر حيوي لتعافي لبنان. لهذا فان الانتخابات الأمريكية تلعب دوراً مهماً في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي للحصول على حزمة مساعدات مخصصة للبنان. والولايات المتحدة، باعتبارها لاعبًا رئيسيًا في الصندوق، لها تأثير كبير على ما إذا كان هذا الدعم مشروطًا بإصلاحات مكافحة الفساد في لبنان. إذا دفعت الإدارة الأمريكية نحو شروط أكثر صرامة، فقد يضطر لبنان إلى تنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية كبيرة، مما قد يؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار السياسي، نظرًا للفساد المتجذر والانقسامات الطائفية.
موقف الولايات المتحدة من ايران
إن السياسة الخارجية الأمريكية تجاه إيران مهمة جداً للبنان. حزب الله، وهو أحد أقوى الفصائل في لبنان، ويتلقى دعمًا كبيرًا من إيران. فالإدارة الأمريكية التي تسعى لإعادة التفاوض على الاتفاق النووي مع إيران، كما اقترحت إدارة بايدن، قد تخفف العقوبات على إيران، وهذا يلعب لصالح حزب الله بشكل غير مباشر. اما اذا ربحت الادارة الاميركية الاكثر صرامة فالعكس سيحصل كما كان الحال خلال إدارة ترامب حيث فُرضت المزيد من العقوبات على إيران وبالتالي على حزب الله. في هذه الحال سوف يزداد الضغط على المشهد السياسي اللبناني، اذ ان مثل هذه التغييرات في السياسة الأمريكية يمكن أن تؤدي إلى تصعيد الصراع الداخلي أو قد تجبر الفصائل السياسية على تقديم تنازلات.
دور الولايات المتحدة في مباحثات الحدود البحرية
إن اهمية الدور الأمريكي في النزاعات الإقليمية حول الطاقة ملفت. مثلاً المحادثات الجارية بشأن الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل حول حقول الغاز البحرية يمكن أن يؤثر أيضًا على تعافي لبنان الاقتصادي. قد تؤثر نتائج الانتخابات الأمريكية على مستوى المشاركة الدبلوماسية في هذه المحادثات. وهذا قد قد يفتح مصادر جديدة للإيرادات للبنان إذا تم التوصل إلى اتفاق. ومع ذلك، يعتمد هذا إلى حد كبير على استعداد الإدارة الأمريكية للوساطة والدفع نحو حلول تفيد الاقتصاد اللبناني الهش.
نعم، وبشكل اكيد، يمكن أن تشكل نتائج الانتخابات الأمريكية مستقبل لبنان بطرق متنوعة. إن قرارات السياسة الخارجية الأمريكية المتعلقة بالمساعدات العسكرية والعقوبات الاقتصادية والإغاثة الإنسانية والدبلوماسية الإقليمية تلعب جميعها دورًا في المشهد السياسي والاقتصادي اللبناني. سواء كان ذلك من خلال الدعم المباشر أو التأثير الغير مباشر، فإن نتيجة الانتخابات الأمريكية يمكن أن تؤدي إما إلى استقرار لبنان أو الى دفعه للمزيد من الأزمات، بحسب الاتجاه الذي سوف تتخذه السياسة الخارجية الأمريكية.
مراجع – references
- U.S. Department of State, “U.S. Relations with Lebanon.”
- The International Monetary Fund (IMF), “Lebanon: Request for an Extended Fund Facility.”
- Council on Foreign Relations (CFR), “The U.S. and Lebanon’s Political Crisis.”
- Al Jazeera, “U.S. Policy in the Middle East Under Biden and its Impact on Lebanon.”
By Grace Kusta Nasralla, BA, HonD, Founder of Lubnaniyat, Founder of BizReflections – The Small Business Blog.